الجمعة، 11 يناير 2013

إعذار على عتبة فراق



رسالةُ عدابِ الحمشِ الأخيرةُ، إلى صدّام حسين[1]

عَفْوَاً فَدَيْتُكَ لا نُعْمى وَلا نَشَبُ[2]


كَلاّ وَلا أَمَلٌ يُرْجى، وَلا حَدَبُ[3]
أَمّا المَديحُ فَثَوْبٌ لَسْتُ أَلْبَسُهُ


عِنْدَ انْتِكاسَةِ قَوْمٍ مَسَّهُمْ جَرَبُ
ضاقَتْ -وَرَبِّكَ- لا أَرْجو رَحابَتَها


إلاّ مِنَ اللهِ -يا صَدّامُ- يَقْتَرِبُ
إنّي جِوارُكَ، أَيْنَ العَدْلُ مُنْتَصِراً


والرَّفْضُ ها قَدْ زَها، وَالنَّصْبُ وَالسَّلَبُ[4]
قَوْمٌ هَواهُمْ مَعَ الشَّيْطانِ ما طَلَعَتْ


شَمْسُ النَّهارِ عَلى قَرْنَيْهِ تَضْطَرِبُ
قَوْمٌ مِنَ الهَمَجِ الجُهّالِ يَدْفَعُهُمْ


وَهْمٌ مِنَ الحَمَقِ المَوْروثِ يَرْتَعِبُ
وَاسْتَنْفَروا لِجْنَةً[5] تَحْمي سَفاهَتَهُمْ


صِيغَتْ على إِحَنٍ حَرّى، وَتُنْتَدَبُ
ما مِنْ عَليمٍ رَأى في الأَمْسِ مَلْحَمَتي


إلاّ اسْتَخَفَّ بِما قالوا، وَما جَلَبوا
قالوا: شَتَمْتَ لأَصْحابِ النَّبيِّ، وَمَنْ


سَبَّ الصَّحابَةَ، لا دِينٌ، وَلا نَسَبُ
قالوا: طَعَنْتَ بِأَصْحابِ الصِّحاحِ، وَمَنْ


يُشَكِّكُ النَّاسَ فيها حَدُّهُ العَطَبُ
قالوا، وَمالوا، وَلا وَاللهِ ما صَدَقوا


إنَّ الحَقيقَةَ شَرْقٌ إِذْ هُمُ غَرَبوا[6]
رَدُّوا رِسالَةَ حَمْشٍ كُلُّها دُرَرٌ


ما مِثْلُها أَبَداً في العِلْمِ قَدْ كَتَبوا
قالوا: سَيَرْحَلُ بَعْدَ الرَّفْضِ فَاصْطَبِروا


وَبَعْدَهُ يَنْتَشي النَّصْبُ الذي نَصَبوا
وَها هيَ اليومَ يا صَدّامُ مَعْتَبَةٌ


طارَتْ إِلَيْكَ، وَلَوْلا الحُبُّ ما العَتَبُ
إِنْ تُنْصِفوني، فَحَقٌّ جِئْتُ أَطْلُبُهُ


أَوْ فَأْذَنوا لي فَما في حَيِّكُمْ طَرَبُ
هَيْهاتَ، هَيْهاتَ، أَنْ أَبْقى بِأَرْضِكُمُ


وَالظُّلْمُ قَدْ عَضَّني، وَالعَسْفُ، وَالرَّهَبُ[7]
إنّي سَأَرْحَلُ عَنْ هذي الدِّيارِ غَدَاً


في مَوْطِنِ الأَمْنِ يَنْمو العِلْمُ وَالأَدَبُ
إنّي سَأَسْكُنُ دارَ التُّرْكِ، أَوْ عَجَمٍ

إِنْ ضاقَ رَحْبُكَ، أَوْ أَزْرى بي العَرَبُ




[1]  قال الشيخ عداب هذه القصيدة بعيد رد رسالة الدكتوراه (الوحدان من رواة الصحيحين) والتي ردت بسبب الحزبية البغيضة التي تسود المؤسسات الأكاديمية وللأسف الشديد وأرسل الشيخ هذه القصيدة للرئيس صدام حسين رحمه الله وقد قدم الشيخ بعدها رسالة ثانية حصل بها على دكتوراه ثانية.
[2]  نشب: المال
[3]  حدب: انفراج
[4]  كأن الشيخ ينبئ بما سيكون من انتشاء النصب والرفض في بلاد الرافدين إذ كانت رسالته خطوة مهمة من خطوات تصحيح مسار الفكر الإسلامي ولكن هيهات أن يسمح المتعصبون لمثل هذه الخطوات بالمسير، فكان ما كان من تحارب وتصارع في هذا البلد المسكين
[5]  يعني بها الشيخ اللجنة التي ناقشت رسالته.
[6]  كانت رسالة الشيخ عداب المسماة (الوحدان من رواة الصحيحين) دفاعاً علمياً ناضجاً عن الصحيحين وعن رواتهما لا يقدر عليه أحد ممن ناقشوه
[7]  كان الشيخ في حينها يشعر بمرارة الظلم الذي لاقاه فاحتسب أمره إلى الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق