أأندبُ
أيامي، وأبكي حياتيا
وأشجب
عهداً ما قضيتُ مع التقى
أأبكي على غصص المرارة ذقتُها
سلامٌ على دهرٍ حييتُ معذَّباً
ذكرتُ معاشي بين جدي ووالدي
يداعبني جدي، فيزجرني أبي
تشتت شملي بين جدٍّ ووالدٍ
فيوماً أذوقُ البر لطفاً ورحمة
ويوماً بأمي في الحنان أعيشه
ولما شببتُ، بعد عشرٍ وأربعٍ
فناديتُ من قاع الضمير بصرخة
وأمضيت عمري منه عشرين حِجة
جثوتُ على نفسي ألينُ قيادَها
ولما يفعتُ كان همي رواؤها
تطاولتُ حتى قلتُ دانت لأخمصي
وطاشت بي الأحلامُ حتى حسبتُها
خُلقتُ كريمَ النفسِ تَوْقاً إلى
العُلا
وما كنتُ أخشى في البريّة من مشى
وكم كنتُ طرّاداً رجالاً تنمّروا
تداركني الرحمنُ لطفاً ورحمةً
ووفقني للدين والعلم والهدى
**
أيا
حاملَ البشرِ الذي فارقَ الحمى
وعرّج
علينا بعد حينٍ عسى ترى
تهادى على قبري، وقد كان صاحبي
تمزَّقني همّي، وروحي تزعزعت
تذكّرْ إذا ما مِتُّ أني مطهّمٌ
وقد كنتُ معطاءً على الفقر والعنا
فسلْ شهم طيءٍ وابن وردٍ إذا الرؤى
ومن للضعاف والمساكين مُكرِمٌ
ومن يؤثر الضِيفانَ نفساً وأسرةً
ومن يجعل المعروفَ للهِ رغبةً
**
إذا
قيل: من للمكرماتِ بأرضِنا
وإن
قيل من للهمّ يحمل شطرَهُ
وإن قيل من للفكر أزهرَ واضحاً
كريمٌ، طهورٌ، فارسٌ، عفّ جانحٌ
**
ألا
أيها التالي قصيدي أمانةً
فإن
أنت يمّمت المسيرَ لعترتي
وأبلغ أبي والأقربين بميتتي
وقل للأيامى والعذارى تصبّراً
ولا تندبني يوم نعيي وبعده
ولا تطرينّي فالذنوبُ عميمةٌ
**
وإن
أنت أزمعتَ المسير لمكةٍ
فمرّ
على بيتي، وخفّف مقالةً
ستلقى طهوراً ما تزن بريبة
لها شرفٌ لا يبلغُ النجمُ شأوَه
ترفّق بها في النعي من خلفِ حاجزٍ
**
حشاشاتُ
قلبي لا بلوتُ فراقكم
فصبراً
سنا عينيّ فاليتمُ علقمٌ
تفلّقَ قلبي، والدموعُ اكفُّها
أزغبَ القطا إني بشوقٍ إليكُمُ
وقد كنتُ توّاقاً بما دونَ لهفةٍ
تصبر أيا محمودُ صبرَ أعزّةٍ
**
رويداً
أهيلَ الحيّ هذي وصاتُكم
فقد
كنتُ عوناً للضعيف وساعداً
توصّوا بأفراخٍ صغارٍ لياليا
**
أخي
يا أخي غازي الشهامةِ والنّدى
وإياك
والعُتبى ولا تظهر الشكا
ولا تُطعم الأولادَ من مال شُبهةٍ
ولا تبتئس إن بات جفنُ (دجانةٍ)
أيا بنتُ للرحمن زفّي مقالةً
فقولي: أبي يا ربُّ يرتاح للهدى
أيا ربُّ فارحمهُ، وفرّجْ لكربِه
**
توضّعتِ
الأسقامُ جسمي ولم تدعْ
ثلاثُ
جراحاتٍ لعمري توضّعتْ
ولكنني الأنْفُ الذي بات شامخاً
**
إلهي
تلطّفْ في مماتي فإنني
وقد
كنتُ أرجو أن أعيشَ مجاهداً
فإن كنتَ يا رحمن ترضى بميتتي
وإن كنتَ يا رحمن ترحم صبيتي
عسى أن يكونوا صالحين بصحبتي
لك الأمر يا ربّاه ليس مخافتي
وانت الذي تعنو الجباهُ لوجهِهِ
|
|
وأخشى
إذا ضاقتْ عليَّ وفاتيا
وما
كنتُ في الخيرات للناسِ ساعيا
وأوهامُ أحلامٍ، تُخال بواقيا
وما كان بي يوماً رحيماً مواتيا
وما كانت الأيامُ تثفي أثافيا
فأفرحُ يوماً كي أضيقَ ثمانيا
وأمٍّ إذا فركت، وعشتُ دواهيا
ويوماً أعيشُ الرعبَ والخوف طاغيا
حزيناً، ولا تُخفي الدموعُ لما بيا
تمطّى بصدري همُّها، باتَ رابيا
وأجهشتُ وا أبتاه لا تكُ قاسيا
بئيساً كبؤس اليتمِ طمّ، وجافيا
فيفضحني عنفي، وتشمخُ عاليا
فبتُّ شبيهَ الذئبِ في الناس ضاريا
وأرعبتُ حتى عدتُ للرعب حاميا
وقائعَ صدقٍ قد تُخَطُّ علانيا
خفيفاً لدى الأزمات، صعباً قياديا
وما كنتُ أرجو أن تدومَ حياتيا
وكم كنتُ إن نادى المنادون حاميا
وكم كان بي ربي لطيفاً، وهاديا
فأصبحتُ بعد الرعب للناس حانيا
**
تنحَّ
رويداً، إنّ حاليْ بكانيا
على
جَدَثي سرباً من الطيرِ جاثيا
فما رمتُ زجرَ الطيرِ حالَ حياتيا
وقد قال لي جسمي: كفاني تلاحيا!
طويتُ صعاباً، فاستذلّتْ أماميا
وقد كنتُ حالَ اليُسرِ كالمزنِ شاتيا
تناءتْ إليهم: أيُّنا كان ساميا
ومن لليتامى باتَ في القرِّ كاسيا
ومن باتَ لا يخشى من الفقرِ طاريا
ويخشى إذا أدّى الهباتِ علانيا؟!
**
تداعتْ
لي الأبصارُ ترنو تطاميا
عن
الناس؟ أفديهم ونعمَ فدائيا
تنادوا: عدابٌ بيّتَ الفكرَ عاريا
غيورٌ، عزيزُ النفس، يهوى المعاليا
**
عليك
سلام الله إن كنتَ غاديا
بأرضِ
حماةٍ فاحتمل لوصاتيا
وأوصِ الثكالى باحتسابي محاميا
حذارِ وشقّ الجيبِ، واللطمِ شافيا
فإني كرهتُ الندبَ حال حياتيا
ولا تجزعنْ، فالله ما دام باقيا
**
ووافيتَ
في البطحاءِ قربَ دياريا
وإياك
والعجلى إذا كنتَ ناعيا
وأردانُها باتت غيومَ سمائيا
وعفةُ أطهارٍ يبتْنَ غوافيا
فليس لها بعدي وربي مُكافيا
**
وها
قد بلوتم -حكم ربي- فراقيا
على الزُّغبِ
وا عيناه، صبي سواقيا
مخافة ان أُلفى من الموتِ باكيا
وقد باتَ شوقي في مآقيَّ باديا
وإنّ حنيني اليوم يبكي حنانيا
فقد ذاقَ أجدادي المماتَ تعاليا
**
فروحوا
عليهم واحفظوهم غيابيا
وقد
كنتُ معطاءً برغم افتقاريا
وحلّوا بهم أرضَ الشآم بلاديا
**
إليكَ
فراخي قد أتتكَ بواكيا
وخفّفْ
لأحزان اليتامى صغاريا
وهيّئ لهم طعماً كريماً مواتيا
بَكيّاً، تنادي بعد عزّيَ ما ليا؟
عسى الله يعفيني ويرحم حاليا
ويخشى من الرحمن ما كانَ قاضيا
فقد كان يا ربّاه نارَك خاشيا
**
مكاناً
بلا داءٍ فعزَّ هنائيا
بشهرٍ،
ولولا الله كان انهياريا
ويثفي على الدنيا الرياحَ شماليا
**
كثيرُ
ذنوبٍ حاملٌ آثاميا
وأقضي
شهيداً مستبيحاً دمائيا
فرحماك
يا رحمن هاتِ مماتيا
وتُبقي
لنفسي للفراخِ أمانيا
وأرضيكَ
يا مولايَ، فاقبل رجائيا
من
الموتِ، لكن بعدهُ النارُ ما هيا؟!
وليس
عليها غيرُ وجهِك باقيا
|